الجمعة، 26 مارس 2010

التأدب مع الله




لطالما لفت نظري في سورة الكهف قصة موسى و الخضر عليهما السلام. و سبب ذلك هو أنه عندما أراد الخضر فراق موسى، أول له الأسباب وراء الأعمال التي قام بها، و هي خرق السفينة، قتل الغلام، و إقامة الجدار دون أجر.

1-(اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت ان اعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) الاية رقم 79 من سورة الكهف 
2- ( وأمّا الغلام فكان ابواه مؤمنين فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا ان يبدلهما ربهما خير منه زكاة وأقرب رحما ) الاية 81 من سورة الكهف
3-( واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا  فأراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن امري ) 

و السؤال الذي كان دائماً يخطر على بالي هو: لماذا قال الخضر :" أردت" في الآية الأولى، ثم "أردنا" في الثانية، و "أراد ربك" في الثالثة؟


في الإسبوع الماضي، حضرت ندوة تعريفية عن إعجاز كلام الله عز وجل في القرآن بعنوان Divine Speech. أعدها و ألقاها أحد طلاب العلم الديني و هو مدرس أيضاً في ولاية تكساس، يدعى نعمان علي خان. و قد بدأ الأخ نعمان في تعلم العربية عام 2000 و هو الآن يدرسها. و له موقع في الإنترنت بإسم البينة. و قناة على اليوتيوب. و جميعها للمتحدثين باللغة الإنجليزية.

ذكر الأخ نعمان أن أساليب التأدب مع الله الموجودة في القرآن تعد من إعجاز القرآن في تركيب الجمل. فلو كان القرآن من عند بشر لما إستطاع بشر أن ينتبه إلى تفاصيل دقيقة كهذه.
ففي الأية الأولى إستخدم الخضر (أردت) و ذلك لأن العمل الذي قام به هو عمل تخريبي فنسبه إلى نفسه تأدباً مع الله مع أن الله هو من أمره بذلك.
و في الآية الثانية قال (أردنا) و ذلك لأنه مع قتل الغلام فإن الأبوين سيبدلان غلاماُ صالحاً باراً. فنسب شر قتل الغلام لنفسه و الخير من تعويض الأبوين بولد صالح إلى الله.
في الآية الأخيرة إستخدم ( أراد ربك) عند تأويل سبب إقامة الجدار و ذلك لأنه كله عمل خير ساعد به اليتيمين و حفظ به مالهما حتى يبلغا الرشد. فنسب كل العمل إلى الله عز وجل و لم يذكر نفسه.

هناك مواضع أخرى في القرآن تدل على التأدب مع الله:
سورة الجن ( و أنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) بعند ذكر الشر بني الفعل للمجهول أما عند ذكر الخير ذكر الله عز و جل.

و كذلك قول إبراهيم ( الذي خلقني فهو يهدين. و الذي يطعمني و يسقين. و إذا مرضت فهو يشفين. و الذي يميتني ثم يحيين) فنسب كل الأفعال إلى الله إلا المرض نسبه لنفسه. 

اللهم إجعلنا من أحسن الناس خلقاً و أدباً... آمين

تحياتي...

ربة منزل


هناك 4 تعليقات:

  1. مسيكي5/4/10

    تحليل جيد ...
    هذا السوأل كان يخالجني كثير ...
    جزاك الله خير على المعلومة القيمة

    ردحذف
  2. إبراهيم القرعاني27/6/13

    جزاك الله خيرا .. قبل ساعات حضرت محاضرة قيمة ألقاها الداعية نعمان علي خان بالدوحة وقد بين فيها لمحات من بيان القرآن وبلاغته وملامسته لأعماق النفس البشرية حيث شرح آية الدعاء في سورة البقرة في آخر آيات الصيام وعلاقة القرآن ورمضان بالصيام .
    بارك الله فيكم

    ردحذف
    الردود
    1. قرأت عن المؤتمر الإسلامي لتدبر القرآن المقام في الدوحة للتو. تمنيت لو هناك تسجيل يمكنني مشاهدة ما ألقي و طرح فيه.
      نعمان علي خان تفوق على الكثير ممن إستمعت لهم من قبل، فقد ساعدني على تدبر القرآن و التفكر بآياته و ربطها بالواقع رغم أن شرحه و تفسيره باللغة الإنجليزية.

      جزاك الله خير على مشاركتك.

      حذف
  3. غير معرف29/5/14

    جزاك الله خيرا...

    ردحذف