الأسبوع الماضي زرت مدينة الدوحة عاصمة قطر. أول و آخر زيارة قبل هذه المرة كانت في تسعينات القرن الماضي، لذا فقد كنت متطلعة لأرى التغيرات و التطورات التي وصلت إلى المدينة.
إستمتعت كثيراً في اليومين التي قضيتها في رحاب الدوحة. زرت المتحف الإسلامي و كتارا و سوق واقف الشعبي و الفيلاجيو . لكن أكثر ما أعجبني في رحلتي هو ( مركز الحرف ) في سوق واقف .
يقع مركز الحرف بين حواري و أزقة سوق واقف التي تتشابك و تتقاطع مع بعضها كالمتاهة الكبيرة. و رغم أن السوق يوفر مركز خدمة العملاء مع دليل و خريطة للسوق إلا أنني و رب المنزل فضلنا أن نستكشف السوق "على البركة" دون خريطة. وجدنا أنفسنا بين مطاعم عربية ثم في ساحة تعد فيها السيدات الطعام الشعبي و الخبز الرقاق ثم في وسط محلات سوق البهار و المكسرات و بعدها ساحة أخرى لبيع الحيوانات الأليفة و الزواحف. كان الأمر مسلياً و كأننا في النسخة الخليجية من بلاد العجائب. فأنا لم أرى أو أعيش هذا الجو الخليجي الشعبي العتيق الذي ذكرني بمسلسلات قناة البحرين "فرجان لول" و غيرها.
في أحد الأزقة حيث تتفرع الطرقات، لفت نظري مفرش بنفسجي جميل علق على واجهة محل و على مسافة قصيرة علقت لوحة في أعلى سقف الممر الضيق كتب عليها ( مركز الحرف ) فما كان منا إلا أن ملنا على الفور نحوها و إنطلقنا نستكشف.
وقفتنا الأولى كان في دكان ( الخرايج ) و هو دكان صغير المساحة يبيع السجاد المنسوج باليد. في وسطه وضع النول الذي يعمل عليه حائك السجاد. إستأذنت من البائع تصوير النول عن قرب و تصوير الأدوات. شرح لي كيف يعمل الحائك و أراني الإختزال أو الخط المجموع الذي يضعه الحائك أمامه و هو ينسج و يقرأ طلاسمه ليعرف أي خيط يستخدم و أي شكل يحيك. بعد أن ينتهي من الحياكة، يقوم الحائك بتمرير مقص حاد على سطح السجاد ثم يغسله و بهذا يصبح السجاد جاهزاً للبيع. سعر هذا البساط في كشمير ( بلد البائع ) يصل إلى ٤ آلاف ريال، لكن في قطر تباع نفس القطعة بـ ٢٥ ألف ريال.
وقفتنا الثانية كانت في مشغل ( قطان الريان ) حيث تخاط و تصنع المفارش و الدواشك (الطراحات) و المساند (المراكي ). عندما دخلنا كان الخياط قد أنتهى من قص و خياطة دوشك ، و بدأ مساعده بحشوه و خياطته. معظم الحشو اليوم من الصوف الخفيف المصنع ( بوليايستر ) أما في الماضي فقد كان من القطن مما يجعله أثقل و أصعب في الحمل و النقل.
أثناء جولتنا في سوق الحرف، لم نتمكن من زيارة كل المحلات حيث كان الوقت قد تأخر و بعضها أغلق و الآخر يستعد للإغلاق و البعض كان منهمكاً في عمله فلم نرد أن نقاطعهم للحديث و إكتفينا بالتصوير.
وقفتنا الأخيرة كانت في دكان ( الحبال ). في البداية لم أفهم ما الحرفة لكن طفولة رب المنزل الشقية ميزت الأدوات على الفور. كان داخل الدكان رجل يعمل بإستمتاع و جد. إستأذنا الدخول و رحب بنا الأستاذ " عبدالله الحداد " في مجلسه وسط الدكان و شرح لي أن هذه الأداة المعلقة التي يصنعها هي فخ للطيور . إستأذنته أن أصور شرحه بالفيديو و أن أشارك به قراء المدونة فرحب بذلك.
بالمناسبة الأستاذ عبدالله يعمل في وزارة المالية صباحاً و يمارس هوايته في صنع الفخاخ مساءً.
و هنا شرح الفيديو:
بعد الشرح المفصل شكرنا الأستاذ عبدالله و إنطلقنا خارجين من السوق و عائدين إلى الفندق، محملين بالشعبيات و التحف و ذكريات و معارف جميلة عن تراث الخليج العربي العتيق.
تحياتي ..
ربة منزل
** إذا زرتم سوق واقف لا تفوتوا البوظة العربية اللذيذة. نسيت إسم الدكان الصغير الذي يبيعها و لكن تجدوه عند مواقف السيارات :)
تقرير جميل الأماكن الشعبية أصبحت جذابة أكثر من صخب المدن الحديثة
ردحذفأثرتِ أمنتياتي بزيارة قطر
شكرا لك :)
العفو. و أتمنى لك زيارة ممتعة لقطر قريباً بإذن الله :)
حذف