رحلتي لماليزيا لم تكن في قائمة مخططاتي في زيارتي للسعودية. فاجأني بها أبي و أخوتي و تم الأمر و وجدت نفسي على الطائرة و هي تهبط في مطار كوالامبور و كان أخي الذي يدرس في الجامعة الإسلامية هناك في إستقبالنا.
أول ما لاحظته و نحن في طريقنا من المطار إلى المدينة كثرة أشجار النخيل على جانبي الطريق. أخبرني أخي أن ماليزيا اليوم تعتبر من أولى الدول المصدرة لزيت النخيل في العالم و أنها نجحت في تطويره لجعله وقود للسيارات.
لفت نظرنا أنا و إخوتي أمر آخر: شعارات السيارات. كانت الشعارات غريبة عن ما إعتدت أن أشاهده في شوارع السعودية أو أمريكا أو دول العالم الأخرى. ثم أخبرني أخي ( من المفيد أن يكون معكم دليل سياحي مداوم ٢٤ ساعة ) أن ماليزيا تفرض ضرائب عالية جداَ على السيارات المستوردة و الأجنبية . لذا تقوم الشركات بإستيراد القطع من المصانع و تركيبها في ماليزيا و وضع شعارات مختلفة عن الشركة الأم و بيعها بسعر أقل. أيضاً تعرفنا على بعض السيارات المحلية الماليزية التي يفتخر بها الشعب الماليزي و تدعمها الحكومة وهي ( بروتون ) و ( بيردوا).
وصلنا السكن و إستقلينا المصعد متجهين إلى شقة أخي في الدور ١٣ و تعجبنا من أزرار المصعد. الرقم 4 و 14 إستبدلا بـ 3A و 13A . و علمنا من دليلنا السياحي أن الصينين و الذين يشكلون ثاني عرقية في البلاد، يتشائمون من الرقم ٤ لأن نطقه قريب من كلمة "موت". ومع مزيد من البحث وجدت أن الرقم ٨ يعتبر رقم الحظ و الإزدهار لأن نطقه قريب من كلمة "رخاء". و لذا إختارت الصين تاريخ ٢٠٠٨/٨/٨ لإفتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بلادها. كما أنه عند إفتتاح أي عمارة سكنية أو تجارية فإن أغلى الطوابق و أول الشقق بيعاً هي التي بالطابق الثامن.
في الطرقات و المجمعات و المداخل و المخارج كانت الفوانيس الحمراء معلقة في كل مكان و الزينة و الأغاني الصينية تصدح إحتفالاً بقرب دخول السنة الصينية الجديدة و التي تعتبر من أهم المناسبات الصينية. هذا العام هو عام ( الحية / الأفعى ).للأسف لم يكن عندنا وقت كافي لحضور بداية السنة الصينية و لذا إستعضنا عن ذلك بالذهاب للقرية الصينية (تشاينا تاون). من المضحك أن الباعة هناك يسارعون للسواح الخليجين و يسوقون إليهم بالعربية الفصحى و أغلب ندائاتهم بصيغة مخاطبة المؤنث: "حقيبة جميلة!" "يالله حيهم!" "تعالي !" "تفرجي!" "تفضلي!" "بنات حلوات!". هنا أنا ركضت و جريت إخوتي ورائي.
و قررت بعدها أن لا أزور الصين مستقبلاً.
زرنا العاصمة السياسية الماليزية بوتراجايا، و هي مدينة حديثة جداً و منظمة. تنزهنا بها و إطلعنا على مبانيها و عمارتها المستوحاة من حول العالم. صلينا العصر في مسجد "بوترا" أو "المسجد الوردي" و هو ذو عمارة إسلامية جميلة أستلهمت من تركيا و تونس و أصفهان. و هو أيضاً أول مسجد أصلي فيه يقع فيه مصلى النساء بمحاذاة مصلى الرجال بدل أن يكون خلفه كالمعتاد في بلادنا. من المشاهد المضحكة أن المسجد يلزم النساء الغير محتشمات من السواح بلبس عباءة زرقاء قبل الدخول و التصوير و التفرج على المسجد. إلا أن بعض الرجال السواح ظن أنه ينطبق عليه ما ينطبق على النساء فلبس العباءة أيضاً و صار يتصور و يصور و هو سعيد.
في المراكز التجارية و البقالات كنا نقف و نتسوق من المخابز إفطار لليوم التالي. الأرغفة أشكال و أنواع غريبة غير ما إعتدت رؤيته. حتى أنني و أخواتي كنا نمر على الأصناف واحداً واحداً لكي لا نفوت الأشكال و الألوان الغريبة الجميلة. أكثر ما يميز الخبز هو طراوته الغير طبيعية. فهو يظل قطنياً لأيام عدة حتى و إن كان مكشوفاً.
من العرقيات الأخرى في ماليزيا: الهنود و أغلبهم هندوس. مرينا قرب معبد شهير لهم و نحن في طريقنا للسكن ذات يوم. ما يميز المعبد التمثال العملاق الذهبي خارجه و الدرجات التي تصل إلى ٢٨٠ درجة يصعدها السياح و الزوار المتعبدين للوصول إلى المعبد. كانت هناك مناسبة دينية وقتها مما سمح للسيارة أن تبطء و أتاح لي أن ألتقط صورة سريعة.
أمام باب الشقق في معظم العمارات السكنية، توجد بوابة حديدية بقفلين و ذلك لمنع السرقات. يستغل السكان المسافة بين المدخل و البوابة بوضع دولاب لخلع الأخذية. فمن الأدب الواجب أن لا تدخل أي منزل في ماليزيا بحذائك بل تتركه خارج الباب.
( يجب أن أفضفض هنا: يضايقني جداً في أمريكا عندما أرى أخوات الغربة يدخلن بأحذيتهن و ما تحمله معها من طين و وسخ الشوارع إلى بيوت الناس و يمشون بها على السجاد الذي يجلس و يلعب عليه الأطفال و نصلي عليه و أحياناً نتناول الطعام. و رغم أننا تحدثنا عن الموضوع إلا أنهن يصررن على أنهن تعبن في الكشخة و الهندمة فكيف يفسدن "كشختهن" بخلع الحذاء!)
أثناء تجولنا في الأسواق الماليزية، لاحظنا كثرة المتاجر النسائية التي تبيع الزي المحتشم: قمصان طويلة - جلابيات - عبائات - حجابات - بناطيل فضفاضة- تنانير طويلة - فساتين محتشمة...إلخ. المرأة الماليزية لا ترى اللبس الساتر واجب ديني فقط بل تراه أيضاً هوية تعتز بها و تميزها عن باقي العرقيات و الثقافات. و لذا يوجد في المكتبات مجلات خصصت للمحجبات و على كتب الدراسة و الإعلانات تكون شخصيات الفتاة الماليزية الصغيرة و الكبيرة ملتزمة بالزي المحتشم.
هذه قليل من المقتطفات من رحلتنا في أرجاء ماليزيا. أحببت أن أشارككم بها.
و لي وقفة أخرى مع زيارة لحضانة أطفال و حوار مع صاحبة الحضانة و مؤسستها "آيدة" أم معاذ.
تحياتي
ربة منزل
جدا جمييل أستنى الجزء الثاني >_< أجمل مافي الموضوع المداخلات "الكوميدية" اللتي تجعل المقال أكثر تشويق ..
ردحذف