في البداية أود أن أبارك لكم شهر رمضان الكريم. أسأل الله أن يتقبل طاعاتكم و أعمالكم. آمين.
أحييكم من بلاد الحرمين الشريفين. إنقضت أعوام الغربة في بلاد العم سام على خير. أستمتعت بها و تعلمت منها و قُضيت و لله الحمد.
تأخرت في كتابة هذه التدوينة كثيراً مع السفر و النقل و الذي يبدو أن له تأثير غير مباشر على وظائف التعبير و الكتابة و الإبداع. رؤية أهلي و إخوتي و سماء مدينة الدمام كانت كافية لإعادة شحن طاقتي من جديد.
تدوينتي هذه هي أهداء و تحية لطالبتي الأولى في فن خياطة اللحف.
أنا متأكدة أن الكثير من متابعيني يملكون هوايات أو أفكار و إبداع. و كثيراً منهم يشارك من حوله بأفكاره و آخر ما تعلمه و تعرف إليه. أنا أفعل ذلك طول الوقت. لكن قل أن نجد من يشاركنا إهتماماتنا. أكثر ما نجد هو إبتسامة و إيماءات بالرأس و عبارات مثل ( ما شاء الله عليك - وااااااو - شكله يتعب - ما أتخيل حالي أسوي كذا - ودي أتعلم بس ما عندي خلق ).
للعلم أنا من الناس الذين يصنفون بقليلي الصبر و الخلق و لكن لم أجعل ذلك يكون عائقاً للتعلم. عبارات مثل "ما عندي خلق" تجعلني أفقد "خلقي".
ما علينا. باقي على الإفطار ٣ ساعات. نرجع للموضوع.
تعرفت على الكثير من أخوات الغربة طوال سنوات غربتي الخمسة و كانوا يسألونني كيف أقضي وقتي و كنت أشاركهم هوايتي. بعضهم تحمس للتعلم و بدأنا ثم إنشغل مع الأطفال و الإلتزامات. و آخرين أرادوا معرفة كيفية أستخدام ماكينة الخياطة فقط. المهم كنا نتسلى مع بعض و نقضي وقت ممتع و مفيد. كما أن دروس الخياطة البسيطة كانت تساعدني في تطوير مهاراتي التعليمية و أن أبحث عن مفردات الخياطة و مصطلحاتها بالعربية لأبسطها عند الشرح.
ثم جمعتني الأقدار مع أخت غربة في دالاس و شاركتها مدونتي. ثم أبدت لي حماسها و رغبتها في تعلم خياطة اللحف. و سألتني عن الفن وأدواته و أسسه و كتبه. رغبتها الصادقة و عزمها جعلني أشعر و كأني عثرت على جوهرة غالية نفيسة. أخيراً إلتقيت بطالبتي الأولى.
إتفقت و إياها أن نبدأ و نستخدم أدواتي الخاصة و نصنع اللحاف الأول. حتى إذا تأكدنا بعد ذلك من أن الخياطة ستكون جزء دائم من هواياتها و ليست تجربة، عندها سنذهب سوياً و نتعرف على محلات الخياطة و القماش و نشتري الأدوات و العدة.
بدأنا بقصاقيص و بقايا قماش كانت عندي. و تعلمنا القص و القياس و إستعمال الماكينة و أجزائها و الترقيع ثم التضريب ثم التغليف ( البرواز ). و أنجزنا اللحاف الأول. و عَديت طالبتي بفيروس اللحف و القماش :)
بعدها خرجنا لمحلات القماش و اللحف للتبضع و التعرف على أهم الأدوات و مسمياتها و أماكنها و كيفية العناية بها. و زرنا وكيل لمكائن الخياطة و شرحنا للسيدات العاملات ما نبحث عنه و ما ننوي خياطته و إشترينا ماكينة طالبتي.
بعد أن تعرفت طالبتي النجيبة على أسس الترقيع و التضريب، بدأنا بتعلم أساليب الترقيع الأخرى مثل الترقيع بالأساس الورقي و التحلية ( الأبليكيه ) و التمرن على التضريب المتعرج و قراءة الباترونات. كانت طالبتي تتعلم مني الفن و أنا أتعلم منها كيف أشرحه و أوضحه.
إنطلقت طالبتي و فردت جناحيها و طارت في عالم اللحف. أصبحت كلما زرتها تفاجأني بلحاف جديد. فخيطت لحاف لإبنتها ثم إبنها و إنتهت من ترقيع لحاف آخر رائع نسيت للأسف أن أصوره.
كانت أجمل أيامي في دالاس و آخرها. ودعنا بعضنا على وعد بأن نبقى على إتصال.
تعلمت منك و إستمتعت معك يا صديقتي و أختي...
فشكراً لك و ألف تحية
ربة منزل