لابد أن كل منا كان جزء من حوار ديني في حياته. فالدين هو أعز ما يملك المسلم. و سواء كان مسلماً عالماً أو قليل العلم، فهو على أتم إستعداد للدفاع و الحوار و الدعوة لدين الله بعلمه أو بخلقه أو بكليهما.
كوني نشأت في بيئة مسلمة، معظم ما تعلمته عن الإسلام تحول مع الوقت إلى عادة و ممارسة و إعتقاد دون فهم تام لأهمية العبادات و أساس العقيدة. و لم أحتج لتعلم السبب، فمن حولي كلهم مسلمون و لن أناقش معهم فرض الحجاب أو الإيمان بالرسل أو تفسير سورة الفاتحة. فكلنا مؤمنون نسمع و نطيع و لله الحمد.
ثم جئت إلى أمريكا. و بدأت أحتك بمن لا يعتقد بعقيدتي و لا يمارس عباداتي و لا يلبس لبسي. بدأت الأسئلة تأتيني و أنا عند الكاشير، و أنا في زيارة لمعهد، و أنا في منزلي عندما طرق علينا مجموعة من المبشرين الباب ذات ليلة. كنت أرد حسب علمي المحدود أو حسب ما أتذكر من القرآن. لكن إجاباتي لم تقنعني، ليس لعدم إقتناعي بها، و لكن لأنها محدودة و غير كافية.
حتى أستطيع أن أجاوب الناس، كان علي أن أضع نفسي موضعهم فأعرف خلفيتهم و أصيغ إجابتي لتناسبهم. فالمسيحي يختلف عن الملحد، و الشاب الذي يعيش حياة التطور و التقدم السريع يختلف فكره عن فكر الشيخ الذي عاصر تقلبات العصر و رأى التغير الذي حدث للمجتمع عبر الزمن.
لذا بدأت بالقراءة و المطالعة عن الأديان المختلفة، خصوصاً النصرانية. تابعت زاكر نايك و يوسف إستيس و برنامج الدين على اليوتيوب و أحمد ديدات. قرأت كتب و مقالات و بدأت أتعلم الكثير من الأمور عن الإنجيل لم أكن أعرفها من قبل لأني لم أرى أي مسيحي يمارسها في حياته اليومية.
ثم وقع في يدي هذا الكتاب و الذي عنوانه What Did Jesus Really Say لمشعل بن عبدالله القاضي عندما كنت في ماليزيا قبل أشهر. و إنتهيت من قرائته اليوم. أعتقد أنه من أفضل الكتب التي قرأتها في موضوع الحوار المسيحي الإسلامي. و قد وجدت به جميع و أهم الأفكار التي ناقشتها مع المبشرين. لذا شعرت أنه من الواجب أن أكتب عنه في المدونة ليستفيد منه المهتمون.
يبدأ الكتاب بفصل هو حوار مسيحي إسلامي عن عقيدة الثالوث و هل قال بها عيسى عليه السلام أم لا. و هو عبارة عن ١١٠ صفحة هي أهم ما في الكتاب في نظري.
بعدها ينتقل الكاتب إلى التناقضات في التوراة و الإنجيل. كنت قد شاهدت مقطع في اليوتيوب لعالم من علماء الإنجيل يذكر فيه هذه التناقضات. و قد أكد الكاتب عليها و على و كيف أن المسيحي العادي لا يدرك حقاً ما يوجد في كتابه و إنما يتبع ما يقال له على المنبر كل يوم أحد.
في الفصل الثالث يقارن الكاتب بين أعياد و معتقاد الوثنية الرومانية و المسيحية و كيف تغيرت المسيحية الحقيقية بعد عيسى عليه السلام على يد بولس ثم على يد الرومانين. الجدير بالذكر أن بعض المسيحين الذين تحدثت معهم يدركون هذا التغيير الذي حصل و لكنهم يمارسونه على كل حال من باب العادات و إجتماع الكلمة.
باقي فصول الكتاب تتحدث عن نبوءة محمد صلى الله عليه و سلم في التوراة و الإنجيل، و عن عيسى في القرآن و عن عقيدة الإسلام و مخطوطات البحر الميت و إنجيل برنابا. أعتقد أنه من المفيد الإطلاع على الأخير للمعرفة فقط و لكن لا أدري إن كان سيفيد هذا الفصل في حوار إسلامي مسيحي حيث أن المسيحي ينكر هذا الإنجيل و كمسلمين نؤمن بنسخ الكتب السابقة بعد القرآن الكريم.
تدوينتي هذه هي شكر خاص للكاتب مشعل بن عبدالله القاضي على جهده الرائع و إسلوبه الشيق و المفيد في كتابة هذا الكتاب. و على إدراجه مراجع و توصيات لكل ما إقتبسه أو أشار إليه في كتابه ليسهل على القارئ المهتم الرجوع لها و يزيد من إطلاعه.
جزاك الله خير الجزاء و نفع بك المسلمين
تحياتي
ربة منزل