حضرت اليوم مؤتمر إسلامي ممتع و فريد من نوعه، في مدينة إرفينج و التي تبعد عن دالاس حوالي نصف ساعة.
الحضور كانوا فوق الألف شخص من مختلف أرجاء البلد. معظمهم مسلمين مع بعض المهتمين بالإطلاع على الإسلام.
عنوان المؤتمر، و الذي أعلن عنه قبل أشهر للتسجيل، هو Amazed By the Quran أو منبهر بالقرآن. و غرضه التأمل في آيات قصيرة منتقاه من القرآن و معانيها العميقة الموجهة للفرد و الأسرة و المجتمع.
المؤتمر كان بالإنجليزية طبعاً. المتحدثون هم: نعمان علي خان - صهيب ويب - عبدالناصر جانجدا، و هم طلاب علم و داعاة متقنين للغة العربية الفصحى إتقاناً مدهش، حيث أنهم جميعهم تعلموها في الكبر، أي بعد تخرجهم من الثانوية ( نعمان علي خان ) أو بعد دخولهم الإسلام ( صهيب ويب ).
أحببت أن أشارككم بعض ما تعلمت اليوم بما أنه لا زال كما يقولون "فريش" في رأسي.
المحاضرة الأولى: سورة مريم ٤٢
موقف إبراهيم مع أبيه آزر. منه نستنبط كيف ننصح من يكبرنا سناً.
هذه القصة تبين لنا الصراع بين الدين و ألاسرة، بين الشباب الصالح و المشيبة الضالة، و منها نتعلم كيف يوجه الصغير الكبير و ينصحه.
" و إذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً. إذ قال لأبيه يا أبتي ....."
١- خاطب إبراهيم أباه " يا أبتي" و هو نداء محبة و تودد برغم من أنه مشرك و عابد أصنام.
٢- لم يوجه كلامه إلى أبيه مباشر بل وجهه إلى الأصنام " لم تعبد ما لا يسمع و لا يبصر و لا يغني عنك شيئاً"
٣- تواضع و لم يجعل شبابه يفتنه في نفسه فلم يقل أنا أعلم أو أنا عالم بل قال "قد جاءني من العلم".
٤- إنتقى العبارة إحتراماً، فعندما تحدث عن نفسه قال "جاءني" و عندما تحدث عن أباه قال "ما لم يأتك"، و هي ألطف من كلمة "جاء".
٥- بعد حديث طويل ذكر والده بالله و لم يذكره في أول الحديث حتى لا ينفر والده و يشعره أنه يحاضر. كما إستخدم إسم " الرحمن" للترغيب.
٦- كرر نداءه " يا أبتي" و قال " إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن"، فجعله يشعر بحرصه أن لا يمسه العذاب و لو لمسة خفيفة، و في نفس الوقت ذكره مرة أخرى أن الله رحيم.
٧- كان رد آزر قاسياً منادياً إبنه بحدة و مهدداً إياه بالقتل (الرجم). ثم بعد أن هدأ طلب من إبنه أن يهجره.
٨- رد إبراهيم لطرد إبيه كان هادئاً و أكد له حبه " سلام عليك سأستغفر لك ربي" ثم طمأن آباه إلا أنه لن يضيع أو يصيبه أذى بعد أن يغادر " إنه كان بي حفياً"، فالله سيحفظه و يرعاه في عزلته.
٩- و قد أكرم الله خليله بأن رزقه أبنأ و حفيد و جعل كلاهما نبياً، إكراماً لخليله إبراهيم عليه السلام.
المحاضرة الثانية: سورة لقمان
موقف لقمان الحكيم مع إبنه. و منه يستنبط كيفية نصح الكبير للصغير "المراهق".
١- " و لقد آتينا لقمان الحكمة" منها نفهم أن الحكمة هبة من الله. و هي ليست العلم فقط بل تتضمن العلم و العمل به.
٢- " و من يشكر فإنما يشكر لنفسه" و قد إستخدم صيغة المضارع دلالة على أن الشكر يجب أن يكون مستمراً لله، و الذي هو في غنى عنه و نحن الذين في حاجة مستمرة إليه.
٣- " و من كفر" إستخدم صيغة الماضي لأن الكفر يكفي أن يقع مرة واحدة ليبطل العمل و الإيمان. كما أن الماضي دلالة على أنه فعل يجب أن ينتهي و يتوقف و لا يستمر.
٣- " و إذ - وهو يعظه" تدل على وجوب إنتقاء الوقت و المكان المناسبين للوعظ و أن لا يكون الوعظ فجأة بل في سياق الحديث.
٤- " يا بني" نداء تودد و إظهار محبة. قد تكون بكلمة و قد تكون بلمسة.
٥-"لا تشرك بالله" بدأ لقمان بالله و التوحيد. فكان إكرام الله للقمان أن تكون الآية التالية توجيهاً من الله للأبناء ببر آبائهم. " ووصينا الإنسان بوالديه".
٦- لقمان لم يأمر إبنه بإصلاح نفسه فقط، بل وجهه ليكون له دوراً في المجتمع و أن يكون مصدر خير. و هكذا ينشأ القائد و يربى و يعلم الصبر.
المحاضرة الثالثة: سورة النحل
" إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى..."
أهم ما تعلمت من هذه المحاضرة هو:
من يحافظ على الفروض فقد عدل
و من يحافظ على النوافل فقد أحسن
المحاضرة الرابعة: سورة التوبة
"لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"
١- يعرف الله بهذه الآيات المؤمنين برسولهم الذي إصطفاه إليهم.
٢- من أنفسكم: القيادة يجب أن تكون من بين الناس أنفسهم. فكل الرسل أرسلوا إلى أقوامهم، لأنهم أدرى و أعلم و أرحم بهم من غيرهم من الناس. فلا يجب ان نبحث عن القيادة من الخارج بل نشجع أفراد مجتمعنا أن يكونوا هم القادة لشعبهم.
٣- أمثلة رحمة الرسول صلى الله عليه و سلم:
قصة الأعرابي الذي تبول في المسجد - قصة الفتى الذي طلب الإذن بالزنا - قصة الحسين رضي الله عنه و الذي كان يتأتأ فلم يقاطعه رسول الله أو يكمل عنه كلامه بل شجعه و ميزه بين الرجال: " لقد ورثها عن عمه موسى عليه السلام" - قصة رسول الله مع الصبي الذي يتم بعد غزوة أحد بأن أخذه و ضمه: " ألا ترضى أن أكون أنا أباك و تكون عائشة أمك".
٤- رغم الصبر و الدعوة المستمرة فقد يواجه الداعية في معظم الأحيان بالصد و هنا يرشد الله عباده بأن يصبروا " فقل حسبي الله" و يتوكل عليه.
المحاضرة الخامسة: سورة إبراهيم ٢٤
مثل الكلمة الطيبة: خلاصة المحاضرة:
١- العالم من هو إذ تعلم رفق.
٢- خير الناس أنفعهم للناس.
٣- العالم يشجع طلبة علمه على أن يسألوه و على الأخذ و الرد فهو دليل على الإجتهاد و البعد عن التقليد.
المحاضرة السادسة: سورة القصص
قصة قارون و قومه
يستنبط منها كيف ينصح المجتمع الفرد إذا ضل و تكبر.
١- وصف الله ثروة قارون بالتفصيل بدل أن يكتفي بقول أنه كان ذا مال و بنين. وذلك دلالة على علو شأنه في مجتمعه المستضعف ( بنو إسرائيل ). و كلما علا شأن الشخص صعبت نصيحته و وعظه.
٢- نصحه قومه رغم ذلك: " لا تفرح".
٣- ذكروه بالآخرة "و إبتغي فيما آتاك الله الدار الآخرة"
٤- و هذا لا يعني أن يعرض إعراض تام عن الدنيا " و لا تنسى نصيبك من الدنيا"
٥- و لا تنسى الفقراء و المحتاجين " و أحسن كما أحسن الله إليك".
٦- التوازن في الحياة و الوسطية يعني أنك ستفلح في الدنيا و الآخرة.
٧- و إن أعرضت عن ذلك كله فـ "لا تبغي الفساد في الأرض".
سأختم بقصة قالها لنا الشيخ صهيب ويب:
دخل عليهم المسجد في مدينة بوسطن قبل مدة رجل إسمه دونالد و كان واضحاً أنه غريب و أنها زيارته الأولى لمسجد. إتجه دونالد إلى المصلين و بدأ يحدثهم و لكن بما أنهم كانوا في صلاة فلم يردوا عليه. فظهر عليه الإنفعال. رآه الشيخ فتوجه إليه و إبتسم و رحب و عرفه بنفسه. سأله دونالد منفعلاً لم لم يرد عليه الناس أو حتى يلتفتوا إليه. شرح له الشيخ أنهم في صلاة و دعاه إلى مكتبه. هناك إنفلت دونالد باكياً أنه قد أنهى للتو قراءة كتاب المسلمين المذهل و أنه يريد أن يعرف من هو رب الذي يعبده المسلمون. فتح له الشيخ صورة الفاتحة و شرح له البسملة و كيف أن حرف الباء قسم و أننا نقسم بالله و الذي هو رحمن و رحيم بعباده و بالناس. ثم سأله ماذا تقول يا دونالد بعد هذا الشرح. فرد عليه متأثراً : Praise the Lord . فأشار الشيخ إلى الآية الأولى من سورة الفاتحة و التي تلي البسملة:
" الحمد لله رب العالمين"
و التي ترجمتها هي ما قاله دونالد :
Praise be to Allah, Lord of the Worlds
تحياتي..
ربة منزل